الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الـــــــــرأي الــحــــــر: صوّتوا لفائدة حزب ديمقراطي

نشر في  08 أكتوبر 2014  (10:44)

بقلم محمد منصف بن مراد

في بداية التسعينات أشرفت على مكتب اقتراع بمدينة حمام الأنف وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعيّة والرّئاسيّة لا تتجاوز 25 ٪.. من جملة النّاخبين، لكن ما راعني الاّ وأنا أقرأ على أعمدة الجرائد أنّ هذه النسبة ترتفع إلى 75 ٪..

وكردّ فعل على هذه المغالطة المفضوحة، طلبت مقابلة الرّئيس بن علي لأقدّم له الحقيقة، وكان أن استقبلني دون علم منه بموضوع اللقاء فقدّمت له المعطيات فاستغربها أو بالأحرى تظاهر بذلك وزعم انّه سيفتح تحقيقا في المسألة مندهشا من عفويتي وصدقي.

وإثر ذلك أذن بعدم تقديم أيّ اشهار عمومي لجريدتنا وعدم استدعائي إلى قصر قرطاج ولا إلى أيّ سفرة رسمية ودام ذلك أكثر من 15 سنة! وكيف لا تكون تلك مكافأته لي وأنا المواطن والإعلامي الوحيد الذي تجرّأ على تبليغ رئيس الدولة تزوير الأرقام في الانتخابات.

ولقد ظللت طيلة حياتي أمنّي النفس بالمشاركة في انتخابات حرّة ونزيهة إلى أن كانت الثورة، لكنّ انتخابات 2011 لم تكن كما نأمل، وذلك بعد ان قرّرت «لجان الثورة» وديمقراطيون ليست لهم خبرة سياسية إجراء انتخابات بنظام القائمات وتجنّب النظام الفردي الذي كان سيسمح للمجتمع المدني وللنساء بالفوز بعدد هام من المقاعد في المجلس التأسيسي.

وللأمانة وللتاريخ فقد ضخّت أموال طائلة لشراء ذمم بعض النّاخبين.. إذن لم تكن الانتخابات نزيهة ولم تعبّر عن إرادة الشعب التونسي وخاصّة نخبه.. ولقد واصلت «الترويكا» العمل بالنظام الانتخابي نفسه الذي مكّنها من الفوز وتفاقم استعمال الهدايا والاغراءات والامضاءات المزيّفة.

ومنذ أسابيع فقط، تمّ تزوير امضاءات النّاخبين وسرقتها لفائدة بعض المرشحين وذلك وفق ما أكّدته بعض المصادر.. لقد استعمل المال المحلّي والأجنبي لشراء أصوات بعض المواطنين علاوة على كثرة القوائم والمترشّحين لمنصب رئاسة الجمهورية وقوائم المستقلين، وهو ما سيؤدي الى تشتّت الأصوات وفوز النهضة في الانتخابات التشريعية.

وفي ظلّ هذه الظروف، نلاحظ أنّ بعض الأشخاص بمن في ذلك إعلاميّون، يحثون النّاخبين على عدم المشاركة وكل هذا يهيئ لفوز الحزب الدّيني لأنّ ناخبيه من المنتمين إليه لن يتخلّوا عن حزبهم لأنّهم منضبطون!

وخلاصة القول انّ هذه الانتخابات ستكون غير نزيهة لكن على النّاخبين الديمقراطيين أن يشاركوا فيها وأخصّ بالذّكر منهم النّخب والنساء والمتردّدين.. عليهم ان يعوا شيئا هامّا جدّا وهو أنّ الحزب الذي سيحرز على المركز الأول في الانتخابات التشريعيّة سيحكم البلاد بمشاركة أحزاب أخرى.

إنّ المطلوب هو أن يصوّت الناس لفائدة الحزب الذي يمكن أن يفوز على «النهضة» وهو في الظرف الحالي وحسب استطلاعات الرأي «نداء تونس» وإن كان يشكو نقائص عديدة، مع احترامي التام للمناضلين الذين سيصوّتون لفائدة الجبهة الشعبيّة أو المسار (الاتحاد من أجل تونس) فهم ديمقراطيون وتقدّميون.

انّ ندائي موجّه الى المتردّدين والنخب، لا الى الناخبين الديمقراطيين الذين سيساندون أحزابهم، وهم أحرار ولا يؤاخذون على ذلك، علما انّي لا أنتمي الى يومنا هذا الى أيّ حزب..

انّ مصلحة تونس وانقاذها من حكومة ورئيس حكومة لهما برامج دينيّة لا علاقة لها بنموّ البلاد وحرية المواطن بل شغلهما الشاغل هو أسلمة شعب مسلم وخدمة الموالين، يحتّمان على المواطنين المتردّدين التصويت لفائدة قوائم «نداء تونس» وأن كانوا غير مقتنعين اقتناعا تامّا بحزب الباجي قائد السبسي، لأنّ حكومة منبثقة عن «نداء تونس» وأحزاب تقدّمية وديمقراطية ستنقذ البلاد من حكومة نهضوية بلا أيّ كفاءة وفي قطيعة تامّة مع وسطية الشعب وارث بورقيبة وطموحات المثقفين والمبدعين وحقوق المرأة والعدالة بين المواطنين والجهات!

في الماضي وسواء في برامج تلفزية أو في مقالاتي في «أخبار الجمهورية» تمنيت النّجاح للحكومة النهضوية بعد أن صرّح السيد الباجي قائد السبسي «أن الحكومة داخلة في حيط»، لكن بعد ان شاهدت العنف والأسلحة ووالارهاب تستشري في البلاد بسبب تخاذل الوزراء النهضويين، وبعد أن شاهدت الأوساخ والأوبئة تنتشر والأسعار تلتهب وميليشيات لجان «حماية» الثورة تكافأ برخص اللواجات والتاكسي الجماعي، وبعد أن رأيت مساجين سابقين يحصلون على تعويضات بالمليارات.. بعد أن رأيت كلّ ذلك، اقتنعت انّ حركة النهضة لا يمكن ائتمانها اطلاقا على مستقبل تونس العزيزة ولا على التصدي للارهاب واحترام حرية الإعلام واستقلال القضاء..

من جهة أخرى، لقد ارتكبت الأحزاب الديمقراطية وخاصّة «نداء تونس» خطأ فادحا عندما لم تتحد في جبهة انتخابيّة ديمقراطيّة (بعد الاتفاق على 5 أو 6 نقاط)، لكن الغرور والمصالح الشخصيّة والحزبيّة تغلبت على التفكير في مصالح الوطن وهو ما قد يخلّف كارثة سياسيّة..

واختزالا أقول: على المتردّدين والنّخب والنساء التصويت لفائدة «نداء تونس» أي الحزب الوحيد القادر على هزم النهضة التي احترم أغلب قيادييها لكنّي لا أتفق معهم في رؤاهم وأفكارهم، ولعلّ الوضع المتردّي الذي وصلت اليه بلادنا اليوم، خير دليل على عجزهم عن قيادة البلاد والإمساك بزمام السلطة فيها وخدمة الشعب. إنّ النهضة حزب يخدم برنامجا دينيّا وإن كان يحكم البلاد..